سناء التومي .
يٌعد المقال العمودي من أشهى ما يكتبه الصحفي ، وليس الصحافي والفرق بينهما شاسع ، وقد يكون نقدا بطريقة تتلاءم مع الخط التحريري للصحيفة ، وأشبهه شخصيا بالطبق ، لأن مقدمته تفرض على الكاتب فتح شهية القارئ ، وبمجرد تذوقه يجد القارئ نفسه بجسم المقال ، بطريقة سلسة وبسيطة ومبسطة ، ولا يستطيع التخلي عنه إلا بعد قراءة آخر كلمة بالخاتمة .
وسٌمي بالعمودي انطلاقا من شكله ” من حيث الشكل ” ، حيث يأخذ حيزا عموديا بالجريدة ، كمثال : الكتابات السابقة لرشيد نيني بجريدة المساء المغربية ” شوف تشوف ” ، هذا الأسلوب وطريقة كتابته تجر القارئ لمعرفة كونه مقال عمودي ، قص على ذلك ، فالمقال يعالج المواضيع بخفة دم ، ورشاقة وسلاسة حسب أسلوب الكاتب ،بعيدا عن الاطناب والإسهاب ، وتختلف من محرر او كاتب لآخر ، ولو تناولا نفس الموضوع ، والجرائد التي تحترم أدبيات الصحافة تحتفظ بنفس النمط ، ونفس الكاتب بنفس العمود ونفس الصفحة والمكان والحيز ؛ وحتى عدد الأسطر ، و بنفس العنوان .
جسم المقال العمودي قد يتحول إلى النقدي بطريقة ما ، حيث يتضمن مقالة أو أكثر ، سواء ذاتية (أدبية ) ، لتعبير عن أحاسيسه وتجربته ، أو مقالة موضوعية (علمية ) لتقديم مادة معرفية لمخاطبة عقل القارئ، وربما يصبح القارئ طرفا في تحليلها ،هنا التميز بين كاتب وآخر ، وسبق وان حدث في عدة مقالات عمودية حيث أصبح القارئ ( هناك فرق بين القارئ والمتلقي ) جزءا من المقال، وما يميز المقال العمودي عن غيره ، تمكين كاتبه من مخالفة توجهات وسياسة الصحيفة .
ويعتبر البعض المقال العمودي مساحة للتعبير الحر ربما عكس توجهها ” الصحيفة “، وتعتمده بعض الجرائد في تسويق منتوجها او مادتها الإعلامية ، بدليل شراء جريدة لقراءة مقال عمودي دون غيره ، سواء كانت صحيفة يومية او نصف شهرية …..، وفي حال القوة القاهرة وتعذر على الكاتب إرسال المادة ” المقال ” ، يبقى مكانه فارغا وتتم الإشارة لسبب غياب الكاتب وتخلفه عن الكتابة .
هذا حسب الأعراف وأدبيات الكتابة الصحفية ،والمقال العمودي يجيب عن مجموع تساؤلات في صلبه ، أو ما يعرف بجسمه ، ولا علاقة لها بالأسئلة الخمس سواء التي يطرح الكاتب او القارئ ، حيث يكتب الصحفي ما لا يقرأه ،ففي مخيلته تتم الأسئلة والأجوبة ويتمخض عن ذلك مقال قد يرقى للروعة .
المصدر : https://almaghribalarabipresse.com/?p=21440